Friday, July 25, 2008

مرجعية المفلسين فكرياً


الفتوى... مرجعية المفلسين فكرياً

Friday, July 6, 2007

في زمن شد فيه العقل رحاله عن ارض العرب والمسلمين, حيث تقلص الابداع الانساني في كل المجالات, وحيث لا يجد العربي المسلم راحته المخادعة, الا عند رجل الدين, وحيث انعدم دور العرب المسلمين عن اي مشاركة حضارية. في هذا الزمن لا يجد المفلسون فكريا سوى الفتوى سبيلا لحل مشكلات الحياة المعقدة. وفي الفتوى راحة بال وهمية, لمن يعجز عن المشاركة في عصر العولمة, وحيث ان الفتوى لا تمت بصلة للفكر والحضارة والتقدم الانساني, ولم يحدث ابدا ان كان لها دور في تقدم البشر حضاريا على مر التاريخ, كان لا بد ان تكون ملجأ لمن يرفض العقل دليلا وسبيلا للتقدم الحضاري.

العرب المسلمون اليوم, في حال من التقهقر الحضاري المصنوع بايديهم, لانهم يرفضون الديمقراطية ولا يملكون بديلا لها, ويرفضون حقوق الانسان , واحوالهم في هذا المجال مرذولة, ويرفضون العلمانية والحداثة الناتجة عنها, وهم يسعون للانغماس فيها بكل جوارحهم شريطة ان تقتصر على جانب ملذات الحياة, دون الفكر.

العرب المسلمون اليوم, امة لا تقرأ, ولا تريد ان تقرأ. وبفعل الكسل الذهني, انعدمت لديها الرغبة في بذل الجهد للتفاعل مع مشكلات الحياة, من خلال الفكر الانساني الخلاب , القادر وحده على قيادة الانسان السوي العاقل الى بر الامان.

وحيث ان كل الحلول معدومة في ظل هذه البلادة الذهنية, والارتخاء العقلي, كان لا بد من البحث عن مخرج سهل, لا يحتاج جهدا ولا حراكا عقليا, فكان رجل الدين, الذي لا اصل له في دين الله, هو المخرج السهل. ذلك ان رجل الدين, بدوره لا يحتاج الى بذل الجهد العقلي لوضع تصورات للحلول الممكنة لمشكلات قائمة. وبذلك تلاقى الكسل الذهني للعوام, مع كسل يدعي العلم, يمثله رجل الدين. وبذلك التقت الموجتان الاثيرتان: العوام ورجل الدين, في تناغم بائس عجيب! فكيف بالله, يعجب الكثيرون, من تخلف المجتمعات العربية المعاصرة! وهل ترك هؤلاء منفذا, ولو صغيرا, للعقل؟




وظل هذا التدهور الفكري يضرب اطنابه في عالم العرب المسلمين, حتى بلغ السيل الزبى, وظهرت فتوى رضاع الموظف من الموظفة التي تشاركه العمل, حتى تصبح امه!! وبامكانه ان يتزوجها فيما لو اراد ذلك!...والله ذوق تعيس. وحين اصطدمت الفتوى بالذوق العام, قامت الدنيا ولم تقعد, رغم ان اصلها صحيح كما ورد في باب " رضاعة الكبير", في كتب الاحاديث الصحيحة!! ورغم كل هذا الافلاس الفكري, والبؤس العقلي, لا يزال رجل الدين, والحق معه, يراهن على تخلف العرب المسلمين الثقافي, وهو ضامن انهم لن يقرأوا ولن يعودوا الى ساحة الفكر العقلاني, فهذه الامة استمرأت الكسل العقلي حتى ألفته, وتآلفت معه, ولا تستطيع الاستغناء عنه. والفتوى من جانبها, ترفع نسبة هذا التكاسل وهذه الدعة العقلية, فلماذا التعب وجهد العقل اذن؟ ولله الحمد والمنة, يتأيد هذا التوجه الكسول بدعم الحكومات العربية الاسلامية, التي لا تريد لهذه الامة ان تستبدل القراءة بالفتوى. فالقراءة تؤدي الى التفكير, في حين تؤدي الفتوى الى الفتور الذهني والبلادة العقلية. وهل حدث ان رأيتم دورا حضاريا لرجل الدين, في اي فترة من فترات التاريخ الانساني؟

د. أحمد البغدادي - الكويت
تنوير

No comments: