مراجعات الجهاد
هل تريد أن تعرف مبكراً ما الذي تتضمنه مراجعات جماعة الجهاد، التي سيعلنها علي الملأ الشيخ سيد إمام فضل، تفضل:
· كل الآيات القرآنية التي تدعو إلي الجهاد والحاكمية، وتكفير السلطة وجاهلية المجتمع، التي قرأها سيد إمام وأنصاره بأهوائهم، وعلي مزاجهم النفسي الخاص وقت الرغبة في العنف، سيعيد قراءتها من كتب أخري و وفق تفسيرات أخري لتتلائم مع النهج الجديد الذي يتبناه الرجل، وتتبناه الجماعة من ورائه، فإن كان قد نقل عن السيوطي نصا يحتمل التأويل نحو العنف، سينقل هذه المرة تفسيراً عن بن كثير يحتمل التأويل نحو السلام واللاعنف والمصالحة مع الدولة.
· كل الأحاديث النبوية الشريفة التي استند إليها سيد إمام في كتابه الأول «العمدة في إعداد العدة»، والتي رفع بها رايات العنف في العمل الإسلامي، وسفك أتباعه بها دماء مئات الضحايا من الأبرياء، وضاعت في سبيلها أرواح مئات أخري من شباب الجماعة وهم في عمر الزهور، «هي.. هي» الأحاديث نفسها التي سيقوم باستخدامها أيضا لتبرير وقف العنف وإعلان السلام والإبحار في ثقافة التسامح في الإسلام منذ عهد النبوة، جهده الوحيد أنه سيعترف بما أنكره من تفسيرات من قبل، ويستند إلي ما كان يحرم الاستناد إليه عند نشأته الأولي وجموحه نحو الحكم بسلطة السماء.
· كل أقوال السلف الصالح التي عزز بها سيد إمام آراءه ومواقفه الغاضبة، في أطروحته عند تأسيس الجماعة، سيعيدها إلي سياقها الطبيعي التي قيلت فيها تلك الأقوال، سيتمرد علي ثقافة الاجتزاء والبتر التي اعتمد عليها في نصه الأول، وسيكتب لنا بثقة ويقين أنه لا يمكن فهم النص دون العودة إلي الظروف المحيطة في زمنه، وبدون القصة التي وردت فيها كلمات هؤلاء السلف العظماء.
· كل التحليلات التي تشير إلي جاهلية المجتمع، وإلي حتمية الحل الثوري وانقطاع الأمل في الحوار، أو عدم جدوي الدعوة إلي الله بالحسني والموعظة الحسنة، سينقلب عليها سيد إمام من الجذور، وسيقول لنا إن الأصل في الإسلام هو الدعوة لا القتال، وسيتذكر حتما أن النبي -صلي الله عليه وسلم- لم يؤمر بالقتال إلا ضد هؤلاء الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم وأموالهم، وسيتذكر أيضا كم كانت أخلاق النبي وسلوك أصحابه والتابعين، هي الأساس في نشر تعاليم الإسلام في ربوع الدنيا.
نحن لا نريد أن ننصت فقط إلي مراجعات سيد إمام، وتراجع جماعة الجهاد عن العنف، رغم أهمية الحدث وتقديري لصانعيه، ولكن ما نريده مراجعات لما هو أكبر من ذلك، مراجعات للكتب والمراجع والأصول السلفية، التي يستند عليها سيد إمام أو غيره ، ليستنتجوا منها ما يشاءون ويوجهونها كما يريدون حسب أمزجتهم النفسية، وطموحاتهم السياسية أو الدينية، والتوقيتات المواتية لكل حالة، نحتاج إلي مراجعة السيوطي وابن كثير وابن هشام وابن تيمية وابن القيم وتراث أبي حنيفة والشافعي ومالك وابن حنبل وأبي داود والنسائي، نحتاج إلي مراجعة لأمهات الكتب من جديد، ندع فيها ما للماضي للماضي، وما لهذا العصر لهذا العصر.
الكتب والمراجع السلفية الأصلية تحتاج هي أيضا لمراجعة شاملة ترفع عنها ثقافة الاجتزاء والبتر والإيمان بنصف الكتاب وإنكار النصف الآخر، تحتاج إلي أن يقرأها مجتهدون معاصرون يكشفون لنا ما الذي جعلها سوقاً كبيرة إن أردنا منها عنفاً اشتريناه، وإن أردنا منها سلاماً قطفناه سهلا من بين النصوص.
نحتاج إلي مراجعة هذا التراث، هذا ما أعرفه، أما ما لا أعرفه حقا هو، أي مؤسسة إسلامية في مصر أو في العالم، يمكنها أن تتحمل هذه المسؤولية، لنا وللإسلام وللتاريخ ولوجه الله تعالي؟
خالد صلاح ١٧/١١/٢٠٠٧
November 2007
3 comments lost
3 comments lost
No comments:
Post a Comment