Friday, August 8, 2008

الإمساك بدماغ المجتمع

الإمساك بدماغ المجتمع


لأن مشايخنا يصوغون لنفسهم إسلاماً غير ما كان في زمن النبوة الشريفة، حتى يلتقي مع ما يريدون الوصول إليه، وهو الإمساك بدماغ المجتمع كله وإجباره على الطاعة والتسليم بفروض لم تكن موجودة كالحجاب، وهو ما يعني أنهم جعلوا المسلمين أكثر طاعة لهم من الطاعة لدينهم ولزمنه القدسي، حتى فرضوا على أنفسهم بأوامر مشايخ اخر الزمان ما لم يفرضه الزمن القدسي

وبإيعاز مستمر من فقهاء زماننا، تصور المسلمون أن ما يسمى بالحجاب فريضة إسلامية من الفرائض العظمى، حتى أنهم يخرجون في المظاهرات الصاخبة للاحتجاج على أى حديث معلن لا يقول بأن الحجاب فريضة، كما لو أن هؤلاء المتظاهرين جميعا قد درسوا الأمر وعاينوه في مصادره الإسلامية المعاينة النافية للجهالة، واقتنعوا بأن الحجاب فرض، فقاموا يرجمون من قال بغير ذلك. المسلم لا يعلم من شئون دينه ما يجعله يفرز الأحاديث الضعاف من الصحاح المسندات من الأحاد، و يسلم فوراً بالحديث المنسوب لنبينا أنه قال لأسماء بنت أبي بكر: إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها إلا هذا و هذا، و أشار إلى كفيه و وجهه. بينما لا تجد في القرآن ولا في تاريخ الراشدين الذين عملوا بسنة رسول الله و بالقرآن و شريعته، ولا في واقعهم العلمي، ما يشير إلى هذا المعنى الفاصل القاطع، ولم يكن معروفاً لديهم ولا معمولاً به عند السلف، بل ستجد ما هو عكس هذا الفرض الوهمي الذي يقصد إقصاء المرأة و ترصدها.

بل و يبالغ المسلمون اليوم في عزل المرأة عن المجتمع، فقاموا يخترعون إضافة إلى اختراع (الحجاب) اختراعاً آخر يزري بمخترعه هو (النقاب) الذي يغطي كل الوجه ولا يترك سوى العينين، أو ثقباً واحداً لعين واحدة، و هو النقاب الذي كانت ترتديه المعلمة المسلمة الفرنسية وصاحبة القضية المشهورة التي رفعتها كي تدخل علي تلاميذها الصغار بنقاب له عين واحدة، مما قد يرعب هؤلاء الأطفال. ثم هناك نقاب لا يسمح حتى بثقوب ولا للعين الواحدة، وهو ما أوجز الشيخ الدكتورأحمد صبحي منصور بشأنه، فاعتبره نوعاً من الاستعلاء علي المسلمين، وأنه إعلان تميز ، بل هو استعلاء على شرع الله و مزايدة على الله نفسه، وان النقاب إذ يعطي المرأة فرصة التطلع إلي الآخرين وفرزهم واقتحامهم بعيونها، فإنها بنقابها تمنع عنهم ذات الحق.

و هو ذات الحق الذي تم إعطاؤه للمصليات في المسجد خلف الرجال، لهذا رفض الشيخ يوسف قرضاوي إمامة المرأة للصلاة بقوله معللاً: "لأن الرجل المصلي قد يسرح فكره.. ما أجمل قوامها.. ما أجمل جسدها.. فالإسلام دين واقعي ينظر للإنسان كإنسان تحركه غرائزه، لذلك منع الإسلام أن تؤم المرأة الرجال، فهى ستسجد امام الرجل بجسمها / حلقة الأهلية السياسية للمرأة / الجزيرة".

و يستطرد الشيخ شارحاً "في مسجد النبي كان النساء خلف الرجال و لم يكن بينهم أى حاجز، (اليوم يقيمون الحواجز في المساجد مزايدة علي النبي).. وكان معروفاً أن العرب يلبسون إزاراً و رداء و كثير منهم لا يلبس السراويل، و لذلك قال النبي للنساء: لا تعجلن برفع رؤوسكن / نفس الحلقة".

و الإزار أو الرداء هوقطعة قماش تلف علي الوسط الأسفل للرجل، وكانوا لا يلبسون السراويل، وهو ما يعني بروز الأعضاء التناسلية للخلف عند السجود مما يسمح للنساء بالتطلع إليها، لذلك أمرهن النبي ألا يعجلن برفع رؤوسهن، و ينتظرن الرجال حتى يقومون من السجدة فيقمن بعدهم. "قال الواقدي عن ثعلبة بن أبي مالك قال: تزوج رسول الله (ص) امرأة من بني عامر، فكان إذا خرج اطلعت علي أهل المسجد، فأخبرته زوجاته بذلك، فقال: إنكن تبغين عليها، فقلن: نريكها وهى تتطلع، فلما رآها فارقها، قال الكلبي: كانت عند رسول الله العالية بنت ظبيان بن عمر بن عوف بن كلاب، فمكثت عنده ما شاء الله ثم فارقها بسبب التطلع".

المقصود أنه أياً كان الوضع، حجاباً أم خماراً أم نقاباً، أو أن يكون أمام أو خلف في الصلاة التي هي وقت القداسة، أو في المسجد الذي هو قدس أقداس الإسلام، أو في حضور النبي بشخصه و كرامته، ومع كل الحرص علي عدم التطلع فقد حدث التطلع ومن زوجة سيد المرسلين نفسه، ولم يعاقبها بشئ عظيم ، فقط فارقها، لأنه يعلم أنه مع كل الحرص فإن نداء الطبيعة عند البعض أكثر استصراخاً، وأنه شأن غريزي لا يمكن اقتلاعه

الدكتور سيد القمنى - مصر


9 comments lost

No comments: