Saturday, July 19, 2008

معنى الوطن والمواطن

Saturday, June 9, 2007

معنى الوطن والمواطن

لأن الإسلام ظهر في بيئة قبلية بدوية لم يعرف معنى الوطن والمواطنة، فالقبيلة المتحركة دوماً لا تعرف وطناً إنما تعرف شيئاً معنوياً يجمعها أطلقوا عليه (الحمى)، يتحرك معهم أينما تحركوا في حمايته وحماه، وعادة ما كان هذا الحمى يمثل القبيلة كلها، وهو في النهاية رمز ميتافيزيقي كان يلتبس برب القبيلة، وهو ما يشبه قول الإسلاميين اليوم أن الإسلام وطن، بل أن هذا الحمى أو الدين أرفع بدرجات من أى معاني تتعلق بجغرافية الأرض أو حدودها، أو كما يقول الشيخ يوسف قرضاوي: "إن الإنسان يضحي بنفسه من أجل دينه، فالدين مقدم على الإنسان.. فالدين هو الضرورة الأولى وبعده تأتي ضرورة النفس وبعدها النسل وبعدها العقل والمال (ولا يذكر الوطن كضرورة من هذه الضرورات) / حلقة الظاهريون الجدد، قناة الجزيرة". ومن ثم ساغ لكاهن الإخوان الأكبر أن يقول عن إيمان صادق "طظ في مصر وأبو مصر واللى في مصر". ه

والوطن هو ما يشكل الضمير الجمعي والقانون الجمعي وهما أساس الحضارة، فالحضارة ينتجها وطن له حدوده الجغرافية وشعبه الذي تجمعه المصلحة الواحدة، فكان النيل مثلاً بجبروته عند الفيضان دافعاً لتجمع كل المصريين لحماية قراهم وحقولهم يداً بيد، في تلاحم قوي بضمير جمعي واحد برعاية مصلحة مشتركة واحدة، و مثل هذا الضمير الجمعي هو ما يخلق قانون المواطنة، فيحرص كل مواطن على حماية الملكية العامة والقانون العام، باعتبار الوطن ملكاً له كما هو ملك لجميع المواطنين. فإذا لم يوجد وطن فلا وجود لضمير جمعي ولا لقانون جمعي، ومن ثم لا وجود لدولة ولا لحضارة، أين سيقيمون دولتهم المنتظرة إذن إن لم تكن في وطن؟!



فالشعوب التي أنجزت حضارة هي الشعوب التي استقرت في أوطان وأمتلكت ضميراً جمعياً يشترك فيه الجميع ولا ينسب لدين من الأديان. ه

من هنا نفهم لماذا لم يتمن نبي الإسلام أن يصنع شعبه حضارة و كنوزاً، لأنه يعلم أن شعبه قبائل غير منتجة وأن الإنتاج خاصية لجغرافيا أخرى مستقرة، إنما تمنى الاستيلاء على ما حوله من حضارات: "والذي نفسي بيده لتملكن كنوز كسرى و قيصر". وحتى اليوم لا يوجد لدينا طموحاً لمنافسة المنتجين والمخترعين والمبدعين في العالم، بل نريد الحصول عليها جاهزة بالاستيلاء عليها، على الطريقة البدوية القبلية، فهي ثقافة تجارة وصيد وقنص وكر وفر، تستولى على ما بيد الآخر بدلاً من أن تنجز مثلما أنجز وأن تتحضر مثلما تحضر. ه



د. سيد القمنى
من رواد الليبرالية والفكر التنويري في مصر

No comments: