Friday, July 25, 2008

حقيقة الحجاب - العشماوي

حقيقة الحجاب

بصدد آية الحجاب [سورة الأحزاب ٣٥:٣٣] فإن البعض يقول إنها حتى لو كانت خاصة بزوجات النبى فإن حكمها يمتد ليشمل كل المؤمنات " المسلمات"، تأسيسًا بزوجات النبى وبإعتبار أنهن قدوة حسنة للمسلمات، يقتدين بهن وبما ورد فى القرآن عنهن، وبالتالى فإن الحجاب الذى ورد بشأنهن يكون واجبًا كذلك على كل المؤمنات " المسلمات" . ه

ويُرَد على هذا القول بما يلى: ه

أولاً: أن الحجاب الوارد فى الآية المذكورة ليس الخمار الذى يوضع على الشعر أو الوجه، لكنه يعنى الساتر الذى يمنع الرؤية تمامًا، ويحول بين الرجال المؤمنين وبين زوجات النبى كلية، على نحو ما سلف البيان فى شرح ذلك. ه
وإذا أرادت إمرأة معاصرة أن تتخذ لنفسها حكم هذه الآية، فعليها ن تضع ساترًا أو حاجبًا أو حاجزًا يحول بين رؤيتها للرجال عامة. ورؤية الرجال لها من أى سبيل، وهو ما يؤدى لامحالة إلى انحباسها فى سكنها أو فى أى مكان آخر بحيث لاترى ولاترى. وعندما يحبس أحد الرجال زوجه فى بيتها. ويمنعها من الخروج إلى الطريق, ويحظر عليها لقاء الرجال تمامًا، فإنه لاشك يكون متأثرًا بالفهم الذى يقوله البعض بشأن تأسى المؤمنات بزوجات النبى فى حجبهن عن الرجال بإطلاق، لا بوضع خمار ولاغيره. ه

ثانيًا: ورد فى القرآن الكريم ما يفيد كون الرسول أسوة للمؤمنين وذلك فى الآية {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [سورة الأحزاب ٣٣:٢١]. لكن لم ترد في القرآن أية آية تفيد أو تشير إلى أن تكون نساء النبى أسوة المؤمنات. فأسوة النبى للمؤمنين هى حكم شرعى بداعى النبوة الذى يجعل منه مثلاً للناس يتبعونه فيما قال وفيما فعل، من كريم القول وسليم الفعل، لكن زوجات النبى بعيدات عن الرسالة نائيات عن النبوة، وهن نساء صالحات شأنهن كشأن كل، أو جل، المؤمنات الصالحات. ه

ثالثًا: وقد وضع القرآن ما يفيد التفاصيل بين زوجات النبى وسائر المؤمنات فيما جاء فى الآية {يا نساء النبى لستن كأحد من النساء} [سورة الأحزاب ٣٣:٣٢]. ه
ففى هذه الآية تقرير حاسم حازم بوجود تفاصيل وتغاير بين نساء النبى وغيرهن من المؤمنات بما يعنى أن الأحكام التى تتقرر لزوجات النبى تكون لهن خاصة، وليست لباقى المؤمنات. ه
ومن هذه الأحكام أن يضاعف لهن العذاب إن أتت إحداهن بفاحشة {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين} [سورة الأحزاب ٣٣:٣٠] وأنه يمتنع على الرجال أن يتزوجوا منهن بعد النبى لزومًا وأنه يمتنع عليهن الزواج بعد وفاة النبى ومهما ظلت الزوج أرملة على ما ورد فى الآية {يا أيها الذين آمنوا... وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا} [سورة الأحزاب ٥٣:٣٣]. وإنه يمتنع على النبى ـ بعد تنزيل الآية التي سوف يلي نصها - أن يطلق إحدي زوجاته أو يتبدل بهن، إحداهن أو كلهن أزواجًا أخرى إذ أصبحت كل النساء حرامًا عليه فيما عدا زوجاته آنذاك {لا يحل لك النساء من بعد ولا تبدل بهن من أزواج } [سورة الأحزاب ٥٢:٣٣]. ه

وهذه كلها أحكام خاصة بالنبي وزوجاته، ولا يجوز ولايمكن أن يمتد حكمها إلى غيره وغيرهن. ه

المستشار محمد سعيد العشماوي - مصر
حقيقة الحجاب وحجية الحديث

1 comments lost

No comments: