نهاية حثالة اسمها العرب
وتبقى سوريّا!!!
لسنا عروبيين ولا بعثيين ولا نؤمن إطلاقاً بالرسالة الخالدة – بأي شيء خالد. سوريّا، كما نراها، تتجرّع بيديها كأس موتها البطيء: كأس الحركات الدينيّة المتطرّفة، ذات الأصل البدوي المتصحّر، على اختلاف مسمياتها. وكما غضت مصر الطرف عن التطرّف يوماً فابتلعها، سوريّا قاب قوسين أو أدنى من أن تبتلع من حركات جراد يأكل الأخضر واليابس. لا يمكن لقوى خارجيّة أن تودي بسوريّا إلى الانهيار، لكن الهوام الداخلي الذي يتسلل في العتمة إلى عرائش الجمال صيف شتاء، العلق دروب غزّة وحارات البداوي وهبل الشيخة بهيّة...
للمقال بقيّة
نبيل فياض - سوريا
خاص سيريالايف
==============================
هل بعد هذا الكلام يقال أي كلام؟
في ساحة التيفولي، في كوبنهاغن، أخذت قراري بالتوقف عن الكتابة باللغة العربيّة. عشيّة وصولي إلى البلد الأجمل، الدانمارك، في زيارة قصيرة لصديقي اليزيدي العراقي حسين، الذي قتل المناضل صدّام حسين أولاده وزوجته في بعشيقة – باستثناء ابنته الصديقة لمياء - ، كان ثمة احتفال سنوي رائع تقيمه سحاقيّات الدانمارك في الساحة الشهيرة. وكان طبيعيّاً أن نكون هناك. فرقة موسيقيّة مكونة من دانمركيين وأمريكان تملأ الدنيا بضجيج الروك والميتاليكا وبعض من أغاني الماضي الجميل: هوتيل كاليفورنيا وشيء من البيتلز والرولينغ ستونز!!! فتيات هن الحوريّات إن كان ثمة حوريّات، ينثرن أجمل همسات السحاق في ظل ملائكة كوبنهاغن التي لا تنام!!! رجال وشبّان يترنحون بين ثمل البيرة الدانماركيّة الغالية وثمل الجمال السحاقي المتعانق أمامهم!!!
في مدرسة إنجيليّة دانماركيّة يديرها رجل اسمه على ما أذكر توفيق جبّور كان تعليمي الأولي. وكان هنالك ممرضة دانمركيّة اسمها مس بيرغ، تهتم بالطلبة والفقراء في قريتنا الواقعة في قلب الصحراء السوريّة. كانت مس بيرغ، نصف العجوز، تضع باستمرار على رأسها وشاحاً جميلاً يزيدها أنوثة على أنوثة – لا تشبه في شيء القبيسيات اللواتي يحقدن على الآلهة وسيدها أهورا مازدا لأنهم لم يضعوا قضباناً بين أفخاذهن – وتركب دراجة هوائيّة، في بنطالها الرمادي الناعم. كانت الدانمارك أول اسم لدولة نحفظه من طفولتنا البعيدة؛ وكانت كوبنهاغن أقرب إلى أرواحنا من دمشق.
هربت الأيام والسنين، وعادت سوريّا إلى زمن البداوة؛ زمن القبيسيّات وآل كفتارو؛ زمن علي الديك – زمن استبداد الحجاب والنقاب وبقيّة نفايات التلمود التي فتح لها الإسلام دكاناته المتصحّرة. رغم كل ما يقال، رغم النفاق والتقيّة بأنواعها، انتهى زمن ألفت الأدلبي ووداد سكاكيني، انتهى زمن كوليت الخوري وسلمى الحفّار ومريانا مرّاش، زمن نجاح العطّار وغادة السمّان: باختصار – انتهى زمن الجمال والبراءة والروح والحريّة!!! نحن اليوم نعيش – والموت أفضل ألف مرّة من صباح دمشق التلوث والأصوليّة وصور عضوات مجلس الشعب ( !! ) على قائمة الجبهة التقدميّة من المحجّبات – زمن القبح والعهر والجسد [ بالمعنى الأسقط للكلمة ] وتقييد الذات: نحن نعيش زمن وفاء كفتارو ومنيرة القبيسي وهنيّة اسماعيل.
ركبت برفقة ابن عمي هشام وصديقي عقبة!!! كان المشهد مريعاً: قطعان من الأصوليين والسعادين وأكلة لحوم البشر تتعمشق على أسوار واحد من الأبنيّة الحضاريّة النادرة للغاية في عاصمة البداوة الجديدة: سفارة الدانمارك في دمشق. وكانوا يتصايحون معصبي الرؤوس، مثل أسلافهم حين أسقطوا عواصم الحضارة قبل ألف وخمسمئة سنة، محرقين كتب الاسكندرية وغيرها لأنها لا تتطابق مع نصوصهم التي لا سبيل إلى إقناعهم إلا بأن ثمة إلها مغرقاً في التهكم يتلطّى خلفها. كأن أسوأ ما في المشهد قرد أشقر ممن يتفهرسون في مغسل دماغ أبي النور أظن أنه شيشاني، يجلس على أحد الأرصفة، يولول فرحاً بإحراقه للسفارة الآمنة الجميلة.
قبل أشهر كتبت مقالة حول " إمارة حماس الإسلاميّة "، تنبّات فيها بأن تنقسم فلسطين التي بحمد كل الآلهة لم تصبح دولة بعد إلى دولتين أو كيانين، يلحق الأول بالأردن، أي الضفة، والثاني يعزل حتى يموت من الجوع، كحال أفغان ما قبل قرضاي، أي إمارة غزّة القاعديّة. لكن قراءتي لما يشبه ذلك في موقع دبكا الإسرائيلي، ومن ثم في مجلّة الحقيقة للأستاذ نزار نيّوف، جعلني أحجم عن النشر. إنما الحقيقة أن الديمقراطيّة الأمريكيّة ستقسّم بعد فلسطين لبنان إلى لبنانات، والعراق مقسّم إلى عراقات، وربما يقسّمون السعوديّة وغيرها كما كتب ذات يوم زلماي خليلزادة لشعب لا يقرأ، بل يتوج من أعتى الأميين جهلاً سادة للثقافة... والبحث!!!
افتحوا خارطة العالم، وانظروا: أين يا ترى تتركز المشاكل والحروب؟ دون تذاك، في المنطقة الإسلاميّة عموماً، وخاصة تلك الناطقة بالعربيّة فيها. بل إذا رأى واحدنا حرباً في بلد جميل مثل تايلند أو الفلبين، لن يحتاج إلى إعمال عميق لطبقات العقل حتى يكتشف أن الحرب محصورة في "الإقليم ذي الغالبيّة المسلمة"، كما تذكر فضائيّة القاعدة. في برلين الساحرة، الشعب الرائق منهمك بمعرض فنّي يتخيّل فيه النحاتون شكل الجنّة، كل على طريقته؛ في سويسرا الشرق [بلا تشابيه – كرياليسون]، تُطرد مذيعة تلفزيونيّة من عملها لأنها تلذّذت – وهي التي يفترض أنها أنثى فما بالك بالذكور – بقتل نائب من حزب من غير طائفتها [أرجو من يهوه أن يتدخل للمرة الأخيرة فيرسل لنا بطوفان يخلصنا من كل الطوائف وآلهة الطوائف، الأرضيين والسماويين]!!! في لندن الحضاريّة، ينقل القائمون على المتاحف نسخاً عن بعض من أهم الأعمال الفنيّة إلى الشارع من أجل تثقيف العامة فنّياً؛ في قاهرة المعزّ يتفنن المشايخ في التقسيم على سماعي كورد رضاع الكبير وبول البعير؛ في هامبورغ يسيّرون أول أوتوبوس يعمل على الماء كي يخلصوا من البدو ونفطهم وبعرانهم وأبوالهم؛ وفي إمارة غزّة الطالبانيّة يتهدّد الموت أربع نساء غير محجّبات وثلاثة غلمان صبيحين مرد، لأنهم ينعّظون إيروس، إله الشبق الحماسي!!! ألم ير ابن عابدين أن الغلام الصبيح حكمه في الحجاب كحكم المرأة البالغة؟؟؟
في مدرسة إنجيليّة دانماركيّة يديرها رجل اسمه على ما أذكر توفيق جبّور كان تعليمي الأولي. وكان هنالك ممرضة دانمركيّة اسمها مس بيرغ، تهتم بالطلبة والفقراء في قريتنا الواقعة في قلب الصحراء السوريّة. كانت مس بيرغ، نصف العجوز، تضع باستمرار على رأسها وشاحاً جميلاً يزيدها أنوثة على أنوثة – لا تشبه في شيء القبيسيات اللواتي يحقدن على الآلهة وسيدها أهورا مازدا لأنهم لم يضعوا قضباناً بين أفخاذهن – وتركب دراجة هوائيّة، في بنطالها الرمادي الناعم. كانت الدانمارك أول اسم لدولة نحفظه من طفولتنا البعيدة؛ وكانت كوبنهاغن أقرب إلى أرواحنا من دمشق.
هربت الأيام والسنين، وعادت سوريّا إلى زمن البداوة؛ زمن القبيسيّات وآل كفتارو؛ زمن علي الديك – زمن استبداد الحجاب والنقاب وبقيّة نفايات التلمود التي فتح لها الإسلام دكاناته المتصحّرة. رغم كل ما يقال، رغم النفاق والتقيّة بأنواعها، انتهى زمن ألفت الأدلبي ووداد سكاكيني، انتهى زمن كوليت الخوري وسلمى الحفّار ومريانا مرّاش، زمن نجاح العطّار وغادة السمّان: باختصار – انتهى زمن الجمال والبراءة والروح والحريّة!!! نحن اليوم نعيش – والموت أفضل ألف مرّة من صباح دمشق التلوث والأصوليّة وصور عضوات مجلس الشعب ( !! ) على قائمة الجبهة التقدميّة من المحجّبات – زمن القبح والعهر والجسد [ بالمعنى الأسقط للكلمة ] وتقييد الذات: نحن نعيش زمن وفاء كفتارو ومنيرة القبيسي وهنيّة اسماعيل.
ركبت برفقة ابن عمي هشام وصديقي عقبة!!! كان المشهد مريعاً: قطعان من الأصوليين والسعادين وأكلة لحوم البشر تتعمشق على أسوار واحد من الأبنيّة الحضاريّة النادرة للغاية في عاصمة البداوة الجديدة: سفارة الدانمارك في دمشق. وكانوا يتصايحون معصبي الرؤوس، مثل أسلافهم حين أسقطوا عواصم الحضارة قبل ألف وخمسمئة سنة، محرقين كتب الاسكندرية وغيرها لأنها لا تتطابق مع نصوصهم التي لا سبيل إلى إقناعهم إلا بأن ثمة إلها مغرقاً في التهكم يتلطّى خلفها. كأن أسوأ ما في المشهد قرد أشقر ممن يتفهرسون في مغسل دماغ أبي النور أظن أنه شيشاني، يجلس على أحد الأرصفة، يولول فرحاً بإحراقه للسفارة الآمنة الجميلة.
قبل أشهر كتبت مقالة حول " إمارة حماس الإسلاميّة "، تنبّات فيها بأن تنقسم فلسطين التي بحمد كل الآلهة لم تصبح دولة بعد إلى دولتين أو كيانين، يلحق الأول بالأردن، أي الضفة، والثاني يعزل حتى يموت من الجوع، كحال أفغان ما قبل قرضاي، أي إمارة غزّة القاعديّة. لكن قراءتي لما يشبه ذلك في موقع دبكا الإسرائيلي، ومن ثم في مجلّة الحقيقة للأستاذ نزار نيّوف، جعلني أحجم عن النشر. إنما الحقيقة أن الديمقراطيّة الأمريكيّة ستقسّم بعد فلسطين لبنان إلى لبنانات، والعراق مقسّم إلى عراقات، وربما يقسّمون السعوديّة وغيرها كما كتب ذات يوم زلماي خليلزادة لشعب لا يقرأ، بل يتوج من أعتى الأميين جهلاً سادة للثقافة... والبحث!!!
افتحوا خارطة العالم، وانظروا: أين يا ترى تتركز المشاكل والحروب؟ دون تذاك، في المنطقة الإسلاميّة عموماً، وخاصة تلك الناطقة بالعربيّة فيها. بل إذا رأى واحدنا حرباً في بلد جميل مثل تايلند أو الفلبين، لن يحتاج إلى إعمال عميق لطبقات العقل حتى يكتشف أن الحرب محصورة في "الإقليم ذي الغالبيّة المسلمة"، كما تذكر فضائيّة القاعدة. في برلين الساحرة، الشعب الرائق منهمك بمعرض فنّي يتخيّل فيه النحاتون شكل الجنّة، كل على طريقته؛ في سويسرا الشرق [بلا تشابيه – كرياليسون]، تُطرد مذيعة تلفزيونيّة من عملها لأنها تلذّذت – وهي التي يفترض أنها أنثى فما بالك بالذكور – بقتل نائب من حزب من غير طائفتها [أرجو من يهوه أن يتدخل للمرة الأخيرة فيرسل لنا بطوفان يخلصنا من كل الطوائف وآلهة الطوائف، الأرضيين والسماويين]!!! في لندن الحضاريّة، ينقل القائمون على المتاحف نسخاً عن بعض من أهم الأعمال الفنيّة إلى الشارع من أجل تثقيف العامة فنّياً؛ في قاهرة المعزّ يتفنن المشايخ في التقسيم على سماعي كورد رضاع الكبير وبول البعير؛ في هامبورغ يسيّرون أول أوتوبوس يعمل على الماء كي يخلصوا من البدو ونفطهم وبعرانهم وأبوالهم؛ وفي إمارة غزّة الطالبانيّة يتهدّد الموت أربع نساء غير محجّبات وثلاثة غلمان صبيحين مرد، لأنهم ينعّظون إيروس، إله الشبق الحماسي!!! ألم ير ابن عابدين أن الغلام الصبيح حكمه في الحجاب كحكم المرأة البالغة؟؟؟
افتحوا خارطة العالم، وانظروا: كل البريّة خضراء تزدان بالشجر والمطر والندى – إلا بلدان العرب! تنتقل من اليونان إلى بلجيكا فلا تجد إلا اللون الأخضر ينكح عينيك. تنتقل من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر فلا تجد غير لون الموت، الأصفر العفني، يطاردك بأنفاسه الملتهبة أينما توجهت. بل إن المساحات النادرة الخضراء من تلك البقعة المصدّرة للإرهاب والموت والقيود أضحت تضيق حتى تخوم الانقراض على أيدي شعب لا يشبه في كراهيته للحضارة والاخضرار وهوسه بالتناسل غير الجراد. ومن كعبة التصحّر المميت، خرجت رسالة العرب الخالدة، فخلدتهم في الجهل والانحباس في الماضي. ولأن رسالة العرب الخالدة متصحرة روحاً وعقلاً وثقافة، فإنها صحّرت كل ما وقعت عليه مخالبها من الأراضي الخضراء المحيطة بجزيرة العرب. مرّتان دكت فيهما عاصفة الصحراء من جزيرة العرب دول الحضارة المحيطة: مرة بعد غزوة اليرموك وخروج بيزنطة المريع مرّة وإلى الأبد من دول المتوسط الشرقيّة، ومرّة بعد حرب ١٩٧٣ وارتفاع أسعار النفط وتسلل الجراد الوهابي إلى دول الشمال مدمّراً من جديد أي أمل بقيامة خضراء لبلاد ملّت لون الرمل...
وتبقى سوريّا!!!
لسنا عروبيين ولا بعثيين ولا نؤمن إطلاقاً بالرسالة الخالدة – بأي شيء خالد. سوريّا، كما نراها، تتجرّع بيديها كأس موتها البطيء: كأس الحركات الدينيّة المتطرّفة، ذات الأصل البدوي المتصحّر، على اختلاف مسمياتها. وكما غضت مصر الطرف عن التطرّف يوماً فابتلعها، سوريّا قاب قوسين أو أدنى من أن تبتلع من حركات جراد يأكل الأخضر واليابس. لا يمكن لقوى خارجيّة أن تودي بسوريّا إلى الانهيار، لكن الهوام الداخلي الذي يتسلل في العتمة إلى عرائش الجمال صيف شتاء، العلق دروب غزّة وحارات البداوي وهبل الشيخة بهيّة...
للمقال بقيّة
نبيل فياض - سوريا
خاص سيريالايف
==============================
هل بعد هذا الكلام يقال أي كلام؟
(((... وقد طالب الصحفي السوري محمد أنور وردة ، في مجلته الشهرية "المجتمع" السوريين والقراء بـ"التبول" على الكاتب .. أي على فياض!))) هذا ما وصل إليه حال مجتمع حضارة بول الجمل وبول الرسول.... والله حثالة........ ه
Tuesday, September 25, 2007
5 comments lost
No comments:
Post a Comment