Sunday, July 13, 2008

March 2007 المراوغات والفتاوي، للشيخ القرضاوي


يقول لنا قرضاوي «إن المسلمين التزموا بالشريعة قرونا طويلة، فاستطاعوا أن يقيموا دولة العدل والإحسان، وأن يشيدوا حضارة العلم والإيمان، وأن ينشروا الإسلام في الآفاق في فارس والروم ومصر». و يشهد الله أن كل كلمة قالها فضيلته هنا هي زور وبهتان وتزوير على المسلمين الطيبين المصدقين لما يقوله الشيخ، فقط من أجل تجييش الناس طلبا لعودة هذه الدولة، فلا هي التزمت خلال تاريخها الطويل بالشريعة، بل ولا من فجرها مع حروب الردة، ولا هي أقامت دولة العدل والإحسان، ولا هي أقامت حضارة. فالحضارات لو سقطت تبقى منجزاتها مستمرة وفاعلة، لكنها فقط ومضت ومضة أو ومضتين في زمن خلفاء مستنيرين كالمأمون وليس بسبب سادتنا الفقهاء ولا لأن الدولة كانت إسلامية، إنما لتفاعل ثقافات شعوب الحضارات المفتوحة وهو ما تشهد عليه إضافات العرب لتلك العلوم التي كانت نقلا وترجمة. أما الإضافات الحقيقية فكانت من غير بني يعرب، ولم يحدث ذلك لأن الشريعة كانت مطبقة، لأنها لم تكن مطبقة، ولأن الدولة لم تكن دولة العدل والإحسان بل دولة الظلم والطغيان والقهر لآدمية الإنسان وإذلال كرامة الناس والشعوب المقهورة منذ بدء الفتوحات حتى سقوط آل عثمان. ه

فإن واجه قرضاوي هذه المعضلة صاغ اعترافه باللغة المراوغة القائلة: «وأنا لا أنكر أن هناك من أساء إلى الشريعة على امتداد التاريخ (لاحظ: على امتداد التاريخ هذه) فهما وعملا، لكن هذا ليس ذنب الشريعة فهي منه براء». جميل.. يعنى الشأن شأن بشر حكموا بشرا بالظلم والقهر باسم الشريعة، وهكذا كانت الشريعة مطبقة، وهكذا كانت الشريعة بريئة، فمن المسئول عما حدث للعباد في دولة الإسلام الذهبية؟

يكرر قرضاوي: «إن أخطاء المسلمين وانحرافاتهم على مدار التاريخ (لاحظ مرة أخرى: على مدار التاريخ) إثمها على أصحابها، ولا يتحمل الإسلام وزر شيء منها». جميل مرة أخرى ، لكن هل هكذا تكون الدولة الإسلامية المطلوب استعادتها دولة العدل والإحسان؟ وهل هكذا تم رد الحقوق والمظالم لأصحابها؟ قرضاوي مشغول بالدفاع عن الشريعة وليس الناس، لأن أسلافه في الوظيفة كانوا هم القائمين عليها، أما لو كان الإخلاص هو المقصد فلابد أن يلحق قرضاوي اعترافه باعتراف آخر: بأنها كانت دولة الظلم والطغيان وليست العدل والإحسان، وأن عليه وعلى أمثاله كي يجدوا احتراما بين الناس أن يعلنوا هذه الأخطاء ويعتذروا لكل الأبرياء في تاريخنا وتاريخ من مسهم شرنا في الدنيا، اعتذارا تاريخيا يجمعون عليه، بدلا من خطابهم المراوغ المخاتل عن دولة العدل والإحسان التي امتلأت ظلما وجورا بتعبير عمر بن عبد العزيز لأنها طبقت الشريعة... ه

لكن الشريعة من ذلك براء؟! ه

ابدأوا بالاعتذار أولا كخطوة تقربكم من الصدق يا سادة عما حدث لبنى يربوع على يد خالد بن الوليد لعلكم ترحمون، اعتذروا يا سادة عما حدث من مجازر ومحارق في فتوح العراق وفلسطين ومصر والشام مع ذل الرجال بهتك عرض النساء. لكن ما لإخواننا مشايخ الإخوان وظلم العباد وقهر الرجال ، وذل النساء المذبوحات على موائد السبي بالاغتصاب العلني مادام كل شيء بالنسبة للفقيه على ما يرام وكل أهدافه ومصالحه متحققة. ه


د. سيد القمنى
من رواد الليبرالية والفكر التنويري في مصر

No comments: