Friday, July 18, 2008

من تاريخنا العربي الناصع

May 2007
حتى لا تختل لدينا الرؤية
فنرى القشة فى عيون الآخرين ولا نرى الخشبة في عيوننا

لماذا نذهب بعيدأ لنقارن بين ما فعل بن العاص فى مصر وما فعل بريمر فى العراق؟

لماذا لا نقرب المسافات والأمكنة ونختار حدثا واحدأ من مئات الأحداث التى جرت للعراقيين عند فتح بلادهم؟ وتاريخنا يكتظ والحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه بأمثلة تنوء بها المكتبة العربية وتفجع العين ويتلظى منها الحس الإنسانى وينفر.

والحادثة المقصودة هي من حدثان خالد بن الوليد إبان فتحه بلاد العراق وسنعمد إلى قراءتها من أشد الكتب تحيزا للسنة ولقريش وللصحابة ، من ابن كثير فى كتابه البداية والنهاية طبعة دار الكتب العلمية مج ع ص 350

إذ يقول حاكيا: "ثم كانت وقعة أليس فى صفر أيضا، وذلك أن خالدأ كان قد قتل يوم الولجة طائفة من بكر بن وائل من نصارى العرب.. فاجتمعوا بمكان يدعى اليس.. وقال خالد: اللهم لك على إن منحتنا اكتافهم ألا أستبقى منهم أحدا.. حتى أجرى نهرهم بدمائهم. ثم أن الله منح المسلمين أكتافهم فنادى منادى خالد: الأسرى الأسرى.. فأقبلت الخيول بهم أفواجا يساقون سوقا، ووكل بهم رجالا يضربون اعناقهم في النهر. ففعل ذلك بهم يوما وليلة، ثم يطلبهم في الغد، ومن بعد الغد، وكلما حضر منهم أحد ضرب عنقه في النهر. لا يجري بدمائهم حتى برسل الماء فيجري بها الدم إلى اليوم فدارت الطواحين بذلك الماء المختلط بالدم العبيط ماكفى المعسكر بكماله ثلاثة أيام ، وبلغ عدد القتلى السبعين ألفا".

فقط ذبح سيف الله المسلول سبعين ألفا عربي عراقي لا فارسي لأنهم لما انهزموا قبل ذلك جمعوا جيشهم في اليس ليدافعوا عن بلادهم من الاحتلال وعن أعراضهم وشرفهم من النهش والبيع في أسواق النخاسة، وهو ما أهاج بن الوليد فأقسم أن يجعل النهر يجري بدمائهم إذا مكنه الله من أسرهم "منحهم أكتافهم" وقام بسد مجرى النهر ليجري النهر الفارغ بدم الأضاحي البشرية العربية بيد العربي. وظل يقتل ويقتل ليجري الدم نهرا وهو لا يجري لثقله، حتى جاء من همس له أن الدم لن يجري إلا إذا فتح عليه المياه، ولولا هذا الهمس التاريخي لكان خالد قد ذبح أهل العراق جميعا حتى يبر بقسمه لربه، وما كان لشخص كابن الوليد أن يحنث بيمين كهذه !!

إن وجهة نظر الإسلامية تعرض هذا فيما كتبته للتاريخ كلون من الزهو والفخار، ولا ترى في فعل خالد سوى شيمة إسلامية عظيمة هي عدم الحنث باليمين ، لكن أي وجهة نظر أخرى مهما وليت النظر باحثا عن قول، فلن تجد سوى الدم يلطخ وجدانك ويشعرك بمحاولة البحث عن أي لون ممكن تقديمه من ألوان الاعتذار التاريخي لهؤلاء السبعين ألفا الذين ذبحهم خالد بدم بارد حتى تهدأ نفسه وتستريح.

د. سيد القمنى

من رواد الليبرالية والفكر التنويري في مصر

No comments: