Monday, July 14, 2008

المدلسين المتأسلمين


يبدو الإسلام في العديد من الأحيان والظروف أنه غريب حتى بين الجماعات التي تضع صفة الإسلامية في تسمياتها الحزبية والتنظيمية، وهي تدرك عن ذكاء أن مجرد وضع هذه الصفة أو بعض مشتقاتها من شأنه أن يروج لها في أوساط الجماهير البسيطة التي تبلغ نسبة الأمية بينها في حدود خمسة وستين بالمئة مما يعني أنها غير قادرة على القراءة والتحليل وتحكيم العقل، وبالتالي فهي مشدودة لما تسمعه من الإذاعات والتلفزيونات، والأكثر تأثيرا هو ما يأتي باسم الإسلام أيا كان العقل مضمونه... ه

المعروف أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر جماعة غير قانونية فهي محظورة بحكم القانون، ورغم ذلك فإن أعضاءها يتحركون وينشطون علنا في كافة ميادين الحياة المصرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبشكل يتحدى القوانين والأعراف والعادات، مما حدا بمرشدها العام مهدي عاكف في أكثر من حديث ومناسبة لاستعمال اسلوب الأحذية والطزطزة ضد معارضيه ومنتقديه، فهو كما يعتقد أنه فوق النقد طالما هو مرشد لجماعة إسلامية أيا كان تصرفه، حتى في تلك المناسبة التي تمنى فيها أن يحكمه ويحكم مصر مسلم من إندونيسيا، وقال في ذلك السياق حكمته وقوله المأثور (طز...طز في مصر). ه

ولم تنتبه السلطات المصرية لخطورة هذه الجماعة على الأمن والوضع السياسي في مصر، إلا بعد الاستعراض شبه العسكري لطلابها في جامعة الأزهر، ونقول شبه العسكري لأنه ليس مستبعدا بناءا على هكذا سلوك وتصرفات تخرق كل القوانين، أن يكون الاستعراض القادم عسكريا وبالأسلحة التي من السهل الحصول عليها وتخزينها خاصة في مصر التي لم تعد محروسة مطلقا. لذلك تنبهت السلطات المصرية لأموال الجماعة إذ قرر النائب العام منع تسعة وعشرين من قيادات الإخوان المسلمين وأولادهم القصر والبالغين وزوجاتهم من التصرف في أموالهم، وقد سبق ذلك توجيه تهم غسيل أموال وتمويل جماعات محظورة لبعض القيادات الإخوانية ومنهم نائب المرشد العام خيرت الشاطر، وقد دلت التحقيقات أن هذه الجماعة المحظورة بالإضافة لاستغلالها للدين، وظفت القضية الفلسطينية لجمع الأموال والتبرعات، وأنفقتها على نشاطات الجماعة، وعلى هامش الاستعراض شبه العسكري لطلاب الجماعة في جامعة الأزهر لفت انتباه المراقبين قدرة هؤلاء الطلبة على استعمال زي موحد وحمل السكاكين والبلطات وهذا لا يمنع أن يكون لدى الجماعة أسلحة أخرى.

إن تهاون السلطات الأمنية حينا وغضها الطرف حينا آخر عن تحركات هذه الجماعة خاصة في زمن الرئيس السادات، هو ما يشجعها على هذا التحدي السافر للقانون وأعراف المجتمع، وهو تحد لا تقبل به أعرق الدول الأوربية ديمقراطية، ففي هذه الدول أمن الوطن والمواطن هو الأساس، ومما لا يحتاج لنقاش أن هذه الجماعة بهذه التصرفات هي مشروع طالباني جديد، لن يكتفي بهدم التماثيل وحرق الكتب ولكن سيفرض تقاليد الجماعة ومبادئها وأحكامها على المصريين بالقوة مسلمون وأقباط، لأن هذه الجماعة وكافة فروعها في العالم هدفها السري والمعلن هو ما تسميه (إقامة الخلافة الإسلامية)، لذلك فإشاعة الفوضى والتظاهرات غير المرخصة وتحدي المسؤولين في كافة أماكن تواجد أفراد هذه الجماعة، هو من وسائلها في التحريض والتحدي على طريق تلك الخلافة المزعومة التي لا يمكن أن تكون هدفا ساميا لمجرد وصفها ب (إسلامية)، خاصة إذا تذكرنا الجرائم والتعديات التي ارتكبت في زمن الخلافات العباسية والأموية والعثمانية، فليس كل من يتصف بالإسلام حريص على الخلق القويم، ولنا مثال معاصر في خلافة (طالبان) في أفغانستان وفرح الشعب الأفغاني العارم بسقوطها على يد قوات التحالف عام ٢٠٠٥، فهل يعتبر المصريون حكومة وشعبا من هذه العبر التاريخية؟؟



أحمد أبو مطر - فلسطين
كاتب وأكاديمي مقيم في أوسلو



No comments: