الحجاب هو الجهل والمهانة والتخلف

أختى المصرية الوطنية المستنيرة
إنزعي هذا الحجاب المهين

سارحا فى صوت أم كلثوم الرخيم،كنت أتابع حفلة من حفلاتها التليفزيونية الشهيرة التى كانت تقام فى الخميس الأول من كل شهر –هل تذكرونها- عندما أفقت فجأة على ملاحظة صادمة.... فبالرغم أن الحفلة مسجلة فى منتصف الستينات من القرن الماضى، وأن نصف الحاضرات من النساء من مراحل عمرية متنوعة،ومن أوساط اجتماعية متفاوتة تمثل مصر جميعا،إلا أننى لم أشاهد حجابا واحدا يغطى رأس أى سيدة مصرية فى الحفل... ه

كان فيه حاجة غلط ؟؟؟ .. ولا نقول كان فيه حاجة صح... دعنا نفكر سويا فى الموضوع

لو كان هذا الحفل أقيم الآن،لكانت نسبة النساء المحجبات لا تقل عن 80% , أليس كذلك؟

.. ماذا حدث بالظبط؟ هل أفاق المجتمع فجأة من ضلال مبين،واهتدى لدرجة أن ترتدى معظم نساءه الحجاب -وفى مدة لا تزيد عن عشرات قليلة من السنين، وهى لمحة من عمر المجتمعات - ما معنى هذا ؟؟؟ ولنمعن التفكير... ه

هل كانت الفتيات والسيدات المصريات وقتها أكثر انحلالا منهن الآن ....؟

أبدا ..الواقع يقول أن الأخلاقيات وقتها كانت أقوى وأسمى،وكانت حالات الانحراف النسائية نادرة مقارنة بحالها الآن

هل كانت أخلاقيات المجتمع عامة – من أمانة وتراحم واحترام متبادل بين البشر،أو احترام الحرمات أو الأموال الخاصة والعامة، أو إتقان العمل وغيره وغيره – هل كانت أسوأ من حالها الآن لنقول أننا كنا منحطين أخلاقيا،ثم اهتدينا وتحسنت أخلاقنا وتعاملاتنا...؟

طبعا لا،ولا داعى لإعادة ذكر الأحوال المؤلمة الحالية لتفسخ أخلاقى غير مسبوق ضرب مجتمعنا حتى النخاع ووصل الى داخل بيوتنا وبرلماننا... ه

إذن،ظاهرة الارتداء الجمعى للحجاب التى تفشت فى نساء مصر لا تمثل هداية معنوية للمجتمع،ولا تقدم أخلاقى من أى نوع ... ه

إذن ماذا تمثل ؟ … إنها فقط إهانة عامة لنا نساء ورجال، ومهانة سافرة لأمنا مصر،التي تنظر حزينة على حال شعبها – أولادها – الذين قعدوا عن الكفاح لرفعة شأنها ولبسوا الطرح مدعين أن هذا هو شكل الجهاد،بينما أن هذا هو شكل الهوان… ودعونى أفسر ... ه

تغطية الشعر والرأس عموما – رغم كل صراخ المدعين المغرضين- ليست من الدين فى شيء،وكلنا نعلم أن التفسير المغلوط لآيتين قرآنيتين كريمتين، وبعض الأحاديث النبوية الضعيفة،قصد بها تأكيد تحقير المرأة وسيطرة ثقافة الذكورة بواسطة مدعى الإسلام المحدثين، والإسلام السمح، دين الحرية والتقدم، منهم براء ... ه

(أنظر كتاب حقيقة الحجاب وحجية الحديث للسيد المستشار محمد سعيد العشماوى، وكتاب الحجاب للباحث العلامة الاسلامى جمال البنا). ه

فهذا الغطاء ظاهرة اجتماعية نزلت لنا من قديم المجتمعات المتخلفة،ولبسته النساء فى جميع أصقاع الأرض، وفى كل الديانات والمجتمعات،وليس ظاهرة ولا رمزا إسلاميا قط . ه

وهنا أود أن أذكر أن أول شعوب الأرض التى اشمأزت من الشعر وحرصت على تغطيته بلباس الرأس أو بالباروكة للطبقات الأرستقراطية كانوا المصريين القدماء،كما تظهر جداريات عصر الأسرة القديمة،ومنها نزل التقليد بتغطية الشعر كأحد مظاهر التحشم والاحترام،بالذات عند الصلاة وداخل المعابد،نزل الى الإغريق والرومان، وباقى مجتمعات العالم القديم... ولكن مع نهضة الإنسان الحديث،تقلص هذا التقليد الى القبعات والطرابيش للرجال والحجاب واليشمك للنساء،حتى تحرروا جميعا منه مع النهضة العالمية العامة فى القرنين الماضيين . ه

وكان لمصر الفخر فى نزع الحجاب – والنقاب البشع-من على رؤوس المصريات متمثلا فى ابنة مصر الوطنية المستنيرة الشجاعة هدى شعراوى التى نزعت اليشمك التركى المهين،رمز استعباد المرأة المصرية بل والشعب المصرى كله،نزعته علنا غير عابئة بصراخ المتخلفين آنذاك. ه

وها نحن بعد مائة عام من صرخة الحرية هذه،نسمح لأخواتنا وبناتنا بخيانة جدتنا هدى شعراوى وجيلها الحر البطل، ونهدر تضحياتهن جميعا الائى بذلن فى سبيل انتزاع حرية شعبنا جميعا، والتى نتمتع ببقاياها حتى اليوم ونتيه بها على المجتمعات العربية الأكثر تخلفا، نخونهن جميعا وتلبس أخواتنا الطرح، بل ويلبس بعضهن النقاب البشع، ونهيل التراب على حلم الحرية والتقدم الذى بذلت فيه دماء المصريين والمصريات فى مظاهرات الحرية إبان ثورة 19 الشعبية المجيدة، ونقبل الهوان بنفسنا، تحت الدعوى المحرفة بأنه الدين الدين... بينما هو الجهل الجهل، والمهانة المهانة، والتخلف التخلف، وإسلامنا العظيم منه براء. ه

أختى المصرية الوطنية المستنيرة، رفات جدتك هدى وصاحباتها الفضيلات، يستصرخنك من تحت التراب، أن انهضى لرفعة مصر، وانزعى هذا الحجاب المهين. ه

مازن مصطفي - مصر

مهندس إستشاري

18 comments lost